هل الخضر - صاحب و صديق موسى (عليه السلام) - نبي من الأنبياء أو واحد من الأوليا؟

َس:  هل الخضر - صاحب و صديق موسى (عليه السلام) - نبي من الأنبياء أو واحد من الأولياء فقط؟؟ هل في ذلك المسألة خلاف بين العلماء؟ هل الصحيح أنه حي الآن و يكون حياً إلى يوم القيامة؟ هل هناك أحاديث ثابتة في نفس الموضوع؟

ج: اختلف العلماء قديما و حديثا حول مسئلة حياة خضر و مماته و فيما يلي تفصيل العلماء عنها:

الرابعة : ذهب الجمهور من الناس إلى أن الخضر مات صلى الله عليه و سلم وقالت فرقة : حي لأنه شرب من عين الحياة وأنه باق في الأرض وأنه يحج البيت قال ابن عطية : وقد أطنب النقاش في هذا المعنى وذكر في كتابه أشياء كثيرة عن علي بن أبي طالب وغيره وكلها لا تقوم على ساق ولو كان الخضر عليه السلام حيا يحج لكان له في ملة الإسلام ظهور والله العليم بتفاصيل الأشياء لا رب غيره ومما يقضي بموت الخضر عليه السلام الآن قوله عليه الصلاة و السلام : [ أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد ]

قلت : إلى هذا ذهب البخاري واختاره القاضي أبو بكر بن العربي والصحيح القول الثاني وهو أنه حي على ما نذكره والحديث خرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر قال :
[ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال : أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد قال ابن عمر : فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه و سلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال عليه الصلاة و السلام : لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد ] يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن و [ رواه أيضا من حديث جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول قبل أن يموت بشهر :
تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة ] وفي أخرى قال سالم : تذاكرنا أنها [ هي مخلوقة يومئذ ] وفي أخرى : [ ما من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ ] وفسرها عبد الرحمن صاحب السقاية قال : نقص العمر وعن أبي سعيد الخدري نحو هذا الحديث قال علماؤنا : وحاصل ما تضمنه هذا الحديث أنه عليه الصلاة و السلام أخبر قبل موته بشهر أن كل من كان من بني آدم موجودا في ذلك لا يزيد عمره على مائة سنة لقوله عليه الصلاة و السلام : [ ما من نفس منفوسة ] وهذا اللفظ لا يتناول الملائكة ولا الجن إذ لم يصح عنهم أنهم كذلك ولا الحيوان غير العاقل لقوله : [ ممن هو على ظهر الأرض أحد ] وهذا إنما يقال بأصل وضعه على من يعقل فتعين أن المراد بنو آدم

وقد بين ابن عمر هذا المعنى فقال : يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن ولا حجة لمن استدل به على بطلان قول من يقول : إن الخضر حي لعموم قوله : ( ما من نفس منفوسة ) لأن العموم وإن كان مؤكد الاستغراق فليس نصا فيه بل هو قابل للتخصيص فكما لم يتناول عيسى عليه السلام فإنه لم يمت ولم يقتل فهو حي بنص القرآن ومعناه ولا يتناول الدجال مع أنه حي بدليل حديث الجساسة فكذلك لم يتناول الخضر عليه السلام وليس مشاهدا للناس ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضا فمثل هذا العموم لا يتناوله وقد قيل : إن أصحاب الكهف أحياء ويحجون مع عيسى عليه الصلاة و السلام كما تقدم وكذلك فتى موسى في قول ابن عباس كما ذكرنا وقد ذكر أبو إسحاق الثعلبي في كتاب العرائس له : والصحيح أن الخضر نبي معمر محجوب عن الأبصار وروى محمد بن المتوكل عن ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب قال : الخضر عليه السلام من ولد فارس وإلياس من بني إسرائيل يلتقيان كل عام في الموسم وعن عمرو بن دينار قال : إن الخضر وإلياس لا يزالان حيين في الأرض ما دام القرآن على الأرض فإذا رفع ماتا وقد ذكر شيخنا الإمام أبو محمد عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي اللخمي في شرح الرسالة به للقشيري حكايات كثيرة عن جماعة من الصالحين والصالحات بأنهم رأوا الخضر عليه السلام ولقوه يفيد مجموعها غاية الظن بحياته مع ما ذكره النقاش و الثعلبي وغيرهما وقد جاء في صحيح مسلم :

[ أن الدجال ينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس - أو - من خير الناس ] الحديث وفي آخره قال أبو إسحاق : يعني أن هذا الرجل هو الخضر وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الهواتف بسند يوقفه إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه لقي الخضر وعلمه هذا الدعاء وذكر أن فيه ثوابا عظيما ومغفرة ورحمة لمن قاله في أثر كل صلاة وهو : يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك وذكرأيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا الدعاء بعينه نحوا مما ذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في سماعه من الخضر وذكر أيضا اجتماع إلياس مع النبي عليه الصلاة و السلام وإذا جاز بقاء إلياس إلى عهد النبي صلى الله عليه و سلم جاز بقاء الخضر وقد ذكر أنهما يجتمعان عند البيت في كل حول وأنهما يقولان عند افتراقهما : ما شاء الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما شاء الله ما يكون من نعمة فمن الله ما شاء الله ما شاء الله توكلت على الله حسبنا الله ونعم الوكيل وأما خبر إلياس فيأتي في ( والصافات ) إن شاء الله تعالى وذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد عن علي رضي الله تعالى عنه قال :

لما توفي النبي صلى الله عليه و سلم وسجي بثوب هتف هاتف من ناحية البيت يسمعون صوته ولا يرون شخصه : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم أهل البيت { كل نفس ذائقة الموت } - الآية - إن في الله خلفا من كل هالك وعوضا من كل تالف وعزاء من كل مصيبة فبالله فثقوا وإياه فاجوا فإن المصاب من حرم الثواب فكانوا يرون أنه الخضر عليه الصلاة و السلام يعني أصحاب النبي عليه الصلاة و السلام والألف واللام في قوله ( على الأرض ) للعهد لا للجنس وهي أرض العرب بدليل تصرفهم فيها وإليها غالبا دون أرض يأجوج ومأجوج وأقاصي جزر الهند والسند مما لا يقرع السمع اسمه ولا يعلم علمه ولا جواب عن الدجال

قال السهيلي : واختلف في اسم الخضر اختلافا متباينا فعن ابن منبه أنه قال : أبليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح وقيل : هو ابن عاميل بن سماقحين بن أريا بن علقما بن عيصو بن إسحاق وأن أباه كان ملكا وأن أمه كانت بنت فارس واسمها ألمى وأنها ولدته في مغارة وأنه وجد هنالك وشاة ترضعه في كل يوم من غنم رجل من القرية فأخذه الرجل فرباه فلما شب وطلب الملك - أبوه - كاتبا وجمع أهل المعرفة والنبالة ليكتب الصحف التي أنزلت على إبراهيم وشيث كان ممن أقدم عليه من الكتاب ابنه الخضر وهو لا يعرفه فلما استحسن خطه ومعرفته وبحث عن جلية أمره عرف أنه ابنه فضمه لنفسه وولاه أمر الناس ثم إن الخضر فر من الملك لأسباب يطول ذكرها إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها فهو حي إلى أن يخرج الدجال وأنه الرجل الذي يقتله الدجال ويقطعه ثم يحييه الله تعالى وقيل : لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه و سلم وهذا لا يصح وقال البخاري وطائفة من أهل الحديث منهم شيخنا أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى : إنه مات قبل انقضاء المائة من قوله عليه الصلاة و السلام : [ إلى رأس مائة عام لا يبقى على هذه الأرض ممن هو عليها أحد ] يعني من كان حيا حين قال هذه المقالة

قلت : قد ذكرنا هذا الحديث والكلام عليه وبينا حياة الخضر إلى الآن والله أعلم (تفسير القرطبي 11/52)

و في حاشية الجلالين للعلامة المحليو السيوطى: قوله نبوة في قول قال ابن عطية والبغوي الاكثر أنه نبي و كذا قاله القرطبي، و ولاية في آخر و عليه أكثر العلماء و منهم القشيري (جلالين ص249)

Category: