س: وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قال " من أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه " هذا ا حديث ورد في كتاب السيوطي "أمر بالاتباع و نهي عن الابتداع"، و لم يذكر مصدره و در ة صحته. هل تدرون هذا الحديث و درجة صحته و مصدره؟ و ما شرح هذا الحديث؟
ج: هذا الحديث أخرجه الإمام البيهقي في كتابه شعب الايمان (رقم: 1642) والإمام الطبراني في كتابه المعجم الصغير(1/183).
وشرح هذا الحديث وحكمه في ما يلي:
قال المناوي في فيض القدير: (أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه) لأن عصيانه عن علم ، ولذا كان المنافقون في الدرك الأسفل لكونهم جحدوا بعد العلم ، وكان اليهود شرا من النصارى لكونهم أنكروا بعد المعرفة . قال عبد الحق: ومفهوم الحديث أن أعظمهم ثوابا عالم ينفعه علمه . قال الغزالي: فالعلم لايهمل العالم بل يهلكه هلاك الأبد أو يحييه حياة الأبد ، فمن لم ينفعه علمه لا ينجو منه رأسا برأس . هيهات فخطره عظيم وطالبه طالب النعيم المؤبد أو العذاب السرمد لا ينفك عن الملك أو الهلك ، فهو كطالب الملك في الدنيا فإن لم تتفق له الإصابة لم يطمع في السلامة . أه . وزعم بعض الصوفية أنه إنما كان أشد الناس عذابا لأن عذابه مضاعف فوق عذاب مفارقة الجسد بقطعه عن اللذات الحسية المألوفة وعدم وصوله إلى ما هو أكمل منها لعدم انفتاح عين بصيرته مع عذاب الحجيم عن مشاهدة الحق تعالى ، فعذاب الحجاب إنما يحصل للعلماء الذين تنبهوا للذة لقاء الله في الجملة ولم يتوجهوا إلى تحصيل ذلك واتبعوا الشهوات الحسية المانعة لذلك ، وأما غيرهم فلا يعذب هذا العذاب الحجابي الذي هو أعظم من عذاب الجحيم لعدم تصورهم له بالكلية وعدم ذوقهم له رأسا . (فيض القدير1/518)
وقال الزبيدي في شرح الإحياء: وقيل معناه لم يوفق للعمل به ، ومن جملة عمله نفعه غيره إن احتاج إلى عمله . (إتحاف السادة المتقين 1/57)
قال العراقي في المغني: الطبراني في الصغير والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف . (المغني عن حمل الأسفار1/7)
وقال المناوي: وضعفه المنذري ، قال ابن حجر : غريب الإسناد والمتن . وجزم الزين العراقي بأن سنده ضعيف . أه . وسببه أن فيه عثمان بن مقسم . قال الذهبي في الضعفاء: كذبه غير واحد ، وأورد الحديث في الميزان في ترجمة عثمان وقال: عن الجوزجاني كذاب وعن غيره متروك . وعن ابن عدي: عامة حديثه لا يتابع عليه إسنادا ومتنا . لكن للحديث أصل أصيل ، فقد روى الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أو قتله نبي والمصورون وعالم لا ينتفع بعلمه ، فلو عزاه المؤلف إليه كان أحسن . (فيض القدير1/518)
وقال الزبيدي: إن لفظ الحديث عند المذكورين فيما رأيته لم ينفعه علمه . وقد ضعف هذا الحديث المنذري وغيره ، وقال الخطيب في كتاب اقتضاء العلم العمل: قال سهل ابن مزاحم الأمر أضيق على العالم من 7 التسعير مع أن الجاهل لايعذر بجهالته لكن العالم أشد عذابا إذا ترك ما علم فلم يعمل به . وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق أبي كبشة السلولي قال سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول : إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالما لاينتفع بعلمه ، وفيه أيضا من طريق إبراهيم الأشعث حدثنا سفيان قال كان يقال أشد الناس حسرة يوم القيامة ثلاثة: رجل كان له عمل فجاء غيره يوم القيامة بأفضل عملا منه ، ورجل كان له مال فلم يتصدق منه فورثه غيره فتصدق منه ، ورجل عالم لم ينتفع بعلمه فعلّم غيره فانتفع به . وسيأتي للمصنف (الإمام الغزالي) عن أبي الدرداء : ويل للجاهل مرة و ويل للعالم سبع مرات . (إتحاف السادة المتقين 1/57)
و الله اعلم بالصواب.
Answered by:
Checked & Approved: